أجواء منتصف الحزن
سريعون نحن..في زمن رتيب
مكتوبة أقدرانا فوق نافذة قطار
تمضي حقولنا الخضراء دون أن تسر الأعين
نهرم ولا يتذكرنا شيخ التاريخ
لأن
ابتساماتنا عابرة لا تدوم
تحياتنا الصباحية مملة حد الغثيان
أوقاتنا السعيدة يكدرها ميقات الإعدام
أصواتنا عالية كمئذنة
وفعلنا منخفض كحظيرة
نضاجع الحقيقة في خيالنا، حتى إذا استيقظنا
تكومت لا إراديا في ركن قصي بعيد.
.
من الوفاء ..
أن تكون هناك مروءة في الخصام..
وأنا لا أكيل الإتهامات لأحد
لأني لا أملك مكيالا
ولم أتناول جرعتي من الكذب هذا الصباح.
غبائي..ويالغبائي..
أني حملت مصباحي بسذاجة
وطفت في الطرقات باحثا عن الحقيقة
كنت صادقا جدا، لكني لست نبيا
وقد انتهى عصر الأنبياء.
ولست وليا لتتمسحوا بثوبي وقبري
ولا أملك آنية أفرغها أمامكم
فتنتصب الحقيقة لا يشوبها شائبة..
فإذا هي بيضاء تسر الناظرين.
.
كان الظلام خلفنا يحطم قصورنا القديمة
يطمس أضواءها ويبتلع معالمها
وعلى مقربةٍ من مدينة تعج بالأمل
خرجنا تاركين ظلالنا تعود للوراءْ .
خطيئتنا الأولى:
أنا امتطينا المسافات بأقدام ضعيفة.
خطيئتنا الثانية:
أنا تدثرنا بغطاء الوهم السميك.
خطيئتنا الثالثة:
أنا كتبنا أمنياتنا على جدار ينهار.
.
الآن وبعد أن كشفنا أوراقنا
ووضعنا خطايانا على الطاولة وجها لوجه..
سأصدقك القول:
لم يحتمل هذا الجدار المتخم بالأمل، أمانيك الزائفة !
.
سيحدثونك عن غريب قال لهم هازئا:
سيضحك حزني الليلة حتى يموت
يشاكس المارّه
يتسكع طيفه في الأزقة
يشاطر السامرين كوبا من الشاي.
.
سيحدثونك عن غريب قال لهم بجمود:
كلما اقتربت من الصفر
تساوى الموت مع الحياة
نسيت معنى الصبر
فقدت طعم الانتظار !
.
سيحدثونك عن غريب افترش صبره
على ناصية الطرقات
وخلع أحلامه كي تجف من بقايا أمنيات
يرشقه العابرون بنظرات العطف، يمطرونه بحمم ساخرة
يسمع أصواتهم من بعيد:
- هذا المجنون سيبقى عاريا، ولن يجف حلمه أبداً !
لم يأبه لهم، وظل في نشوة عارمة ينسل من أحلامه
واحدا تلو الآخر
يعلقها بعناية على مشجب الذكرى
يحاول أن تبدو أنيقة.
باردة.
خالية من النبض كتماثيل الشمع.
.
أحلام بريئة يبتسم لها مثل الأطفال
وأخرى ساذجة
أحلام خضراء وأخرى يابسة.
الأول كان لي قبل أن يتسع جلدي
والثاني حلم كبير لا يصلح لي
والآخر هذا مثقل بالأماني لا يجف أبدا.
.
سيحدثونك عن غريب ما زال يغني:
ليلاي كبيرة يا ليلى
حزني كائن هلامي
كلما ركلته
عاد إليَّ...