الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
كم من صديقٍ وقريبٍ فقدناه !
وكم مِن شخصٍ نعرفُه ، كان معنا في الصباح ، ونُعزِّي
فيه في المساء . ثوانٍ تُفرِّقُ بيننا وبينهم ، فنفقدهم .
ولنا مَوعِـد .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
ليتنا إنْ مِتنا انتهينا ، ولكنْ ماذا بعد الموت ، مِن حسابٍ
وعقابٍ وبعث .. ألَا يكفي به واعِظًا لنا ، فنستعد ؟!
حياةٌ زائلة ، والمَنِيَّةُ سُنَّةُ الحياة .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي
أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ
وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ المؤمنون/99-100 .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
لا يستأذِنُ ، يَقصِمُ الظُّهورَ ، ويُخرِجُ الناسَ مِن الدُّور ،
ويُنزِلُهم مِن القصور ، ويُسكِنُهم القبور . فتذكَّر ذلك
المَسكَن ، واحمل زادًا يُبلِّغُكَ ما بعده .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
في الحديث : (( إنَّ القَبرَ أوَّلُ مَنازِلِ الآخِرةِ ، فإِنْ نَجَا
مِنهُ ، فمَا بَعدَه أيسرُ مِنهُ ، و إنْ لَم يَنْجُ مِنهُ ، فمَا
بَعدَهُ أشَدُّ مِنهُ )) صحيح الجامع ، فأعِدُّوا له ما يُنجيكم .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ﴾ آل عمران/185 . ليس نهاية الحياة
مَوت ، بل ما بَعده .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
مهما بذل الإنسانُ من أسباب الصحة والنشاط ، فهو
ميت ، وأينما كان ، فإنَّ الموتَ يُدركه ، وحيثما فرَّ من
الموت ، فإنه سيجده مُقابل وجهه .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ﴾ الجمعة/8 .
أينما كنتم يُدرككم المَوت ، وماذا بعد الموت ، حِسابٌ وعِقاب .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
الإنسانُ عند الموت يُشاهد ما تُوُعِّدَ به ، وما وُعِدَ به ؛
إنْ كان مُؤمنًا بُشِّرَ بالجنة ، وإنْ كان كافِرًا بُشِّرَ بالنار ،
أعاذنا اللهُ منها .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
المَوتُ لا بد منه ، ولا مَحيد عنه ، ثم إلى الله المَرجِع ،
فمَن كان مُطيعًا له ، جازاه أفضلَ الجزاء ، ووافاه أتَمَّ الثواب .
ومَن عصاه ، استحق عذابَه .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
المَوتُ بابٌ وكُلُّ الناسِ داخِلُهُ .... ألَا لَيتَ شِعري بعد المَوتِ ما الدَّارُ
الدَّارُ جَنَّةُ خُلدٍ إِنْ عَمِلتَ بما .... يُرضِي الإِلَــهَ وإِنْ قَصَّـــــــرتَ فَالنــارُ
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : (( أَكْثِرُوا ذِكْرَ
هَاذِمِ اللَّذَّاتِ )) صحيح الجامع ؛ يَعْنِي : الْمَوْتَ .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
ذِكرُه المَحمود هو الذي ينهاك عن الانهماكِ في لَذَّاتِ الدُّنيا ،
ويَحملكَ على الاستعداد له وما بعده ، فتَجِدُّ في طلب الآخرة ،
مع نصيبك من الدُّنيا .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
ذِكرُه المذموم هو الذي يقطع عن مصالحه في مَعاشه ومعاده ،
ويُصيبه بالإحباط أو الجبرية في أفعاله . فيقول : أنا سأموت ،
لماذا أعمل ؟
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
مَن أكثر ذِكرَه ، أكرمه اللهُ بثلاث : تعجيل التوبة ، وقناعة
القلب ، ونشاط العبادة ، ومَن نسيه ابتُلِيَ بثلاث : تسويف
التوبة ، وترك الرِّضا ، والتَّكاسُل بالعِبادة .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
ليَكُن مُحفِّزاً على الطاعةِ والتوبة ، ولا تجعل خوفَكَ منه
يُسبِّبُ قلقاً ، أو وساوس ، ويُقعِدُكَ عن العمل والطاعات ،
ويَمنعُكَ مِن الكَسبِ ومَعاشك .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
ليَكُن تذكِرةً لَكَ ، لا عليك ؛ تُحسِنُ الظَّنَّ برَبِّكَ تعالى ،
وأنَّه لا يَظلِمُ الناسَ شيئاً ، وأنَّه تعالى يُضاعِفُ الحسنات ،
ويَعفو ويَصفح ، فأقبل عليه بتوبة .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
إيَّاكَ والقُنُوطَ من رحمة الله ، واجمع في قلبِكَ بين الخوفِ
منه وبين رجائه ، فالخوفُ والرَّجاءُ حالُ الأنبياء والصالحين ،
يدعونه خَوفًا وطَمعًا .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
لا تسأل نَفْسَكَ متى تموت ؟ بل على أيِّ شيءٍ تموت ؟
على خَيرٍ أم شَرٍّ ؟ على طاعةٍ أم مَعصية ؟ على الإسلامِ
أم على الكُفر ؟ تَفَكَّر في لِقاءِ رَبِّكَ .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
لا تسأل على أيِّ حال تموت ؟ هل أنتَ غَنِيٌّ أو فقير ؟
أو قويٌّ أو ضعيف ؟ أو ذُو عِيالٍ أو عقيم ؟ بل على أيِّ
حالٍ تموتُ في العمل ؟ فهو رفيقُكَ في قبرك .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
كم مِن إنسانٍ خَرَجَ من أهله يقولُ : هَيِّئُوا لي طعامَ
الغَداء ، ولكنْ لم يأكله ! وكم مِن إنسانٍ لَبِسَ قيمصَه ،
وزَرَّ أزَرِّتَه ، ولم يَفُكّها إلَّا الغاسِلُ يُغَسِّلُه !
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
الدُّعاءُ بطُولِ العُمُرِ جائِز ، على أن يكونَ في طاعةِ الله ،
وحُسنِ العمل ؛ إذ لا خَيرَ في طُولِ العُمُرِ مِن غير توفيقٍ
لأعمالٍ صالحةٍ ، بل زيادة حِساب .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
الأعمارُ والأرزاقُ مكتوبةٌ في الَّلوحِ المَحفوظِ لا تتبدَّل ،
لكنَّ اللهَ جَعَلَ لها أسبابًا تَطُولُ بها الأعمارُ ، أو يُبارك
فيها ، ويكسب بها رزقًا .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
المُسلِمُ لا يدري ما كُتِبَ له ، لكنَّه يَبذل أسبابَ الحِفاظِ
على حياته ، ويبذل أسبابَ تحصيلِ الرِّزق والمَعاش ،
ويَستعِدُّ لآخرتِهِ ، لعلَّ اللهَ أن يَرحمَه .
الوَاعِـظُ الصَّامِتُ
المَعاصي سَببٌ لِمَحق بركةِ الرِّزق والعُمُر ، وسببٌ
للشقاوةِ في الدَّارين ، وعذابِ القبر ، وغَضَبِ الرَّبِّ .
فتذكَّروا الواعِظ الصَّامِت ( المَوت ) وما بعده .
الوَاعِـظُ الصَّامِت
لَعَلَّ بتذكُّرِكَ لِلقاءِ رَبِّكَ ، وصِدق سَعيكَ فيه ، أن تُوَفَّقَ
لعملٍ فيه مِن الخير في العُمُرِ ولو قَصُر ، ما يُعمَلُ في العُمُرِ
الطويل ، واللهُ يُضاعِفُ لِمَن يشاء .