السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
إذا جالست الناس، واجتمعت بهم، فاجعل التواضع شعارك ،
وتقوى الله دِثَارَك، والنصح للعباد طريقك المستمر .
فـاحرص علــى أن كل مجلس جلست معهم فيه يحتوي على
خير، إما بحث علمي، أو نصح ديني، أو توجيه إلى مصلحة
عـامـــة أو خـاصـــة ، أو تذكير بنعم الله ، أو تذكير بفضائل
الأخلاق الحميدة ، والآداب الحسنة ، أو تحذير من شر ديني
أو دنيـــوي . وأقـــل ذلك أن تغتنم إشغالهم بالمباحات عــن
المحرمات . وحَسِّن خُلقك مع الصغير ، والكبير ، والنظير ،
وعامل كلاً منهم بمـا يليق بــــه ، ووقِّر من يستحق التوقير
والإجلال . واحـــرص عـلى تأنيس جليسك بالكلام المناسب
الطيب ولو كان متعلقاً بالدنيا، فإن الكلام المباح والاجتماع
المباح إذا أثمر تأنيس المُجَالَس ، وَبْسط المُحَادَث ، وأثمـر
راحــة القلب عاد محموداً ، والعاقل الحازم يدرك بمجالسة
الناس خيراً كثيراً ، ويكون أحب إليهم مــن كـل محبوب ؛
لأنه يدخل عليهم من الأبواب التي يعرفون ، والأحاديث
التي يرغبونها ، والأصل في ذلك كله توفيق من أزِمَّة
الأمور كلها بيديه .
وتتأكد هذه الأمور في صحبة السفر ، فإن السفر تطول فيه
المجالسة ، ويحتاج المسافرون إلى من يروِّحهم بالأحاديث
الطيبة ، والماجريات ، والمزح أحيـــاناً إذا كـــان صــدقــاً
ولم يكثرُ، ومساعدتهم على مهمات السفر، فالآداب الطيبة
تجعل أصحابها عند الناس ألذ مـن بارد الشراب ، والثقيل
أشــد عــلى أرواحهم من الأحجار الصلاب ، فسبحان من
فاوت بين عباده في أخلاقهم وأعمالهم وجميع أحوالهم،
والله الموفِّق وحده .
كتاب : نور البصائر والألباب ( ص 72 )
تحياتي